من أراد أن يكون سيدا
بداية
عابوا علينا سخاء الكف نبسطها
كم عابنا الناس نسخوا في عطايانا
وكم خطئنا ولم نرتد عن خطأٍ
محبة الضيف بعض من خطايانا
عندما اتيت مساءاً من المعهد في ضاحية ديفن بورت , جلست وحيدا في صالة منزل العجوز ذات الأصول الإنجليزية , الهدوء والظلام في كل أرجاء المنزل الخشبي وما حوله , بعد لحظات سمعت أصوات غريبة حول المنزل , لم أبالي بالامر , فتحت التلفاز متابعاً لأحداث القبض على صدام حسين , رن جرس المنزل , ألتفت للساعة كانت التاسعة ليلا , فتحت الباب وإذ برجل كبير في سنه يكسو وجهه لحية بيضاء وعلى رأسه قبعة سوداء , حياني ورددت عليه تحيته وقال بلطف : كلبي دخل في كراج منزلكم فهل تسمح لي بإخراجه , أنا جاركم , سمحت له بالدخول وساعدته في إخراج كلبه الصغير , شكرني وتوجه إلى الشارع , قلت له " تفضل وأشرب الشاي بيالة شاي ع الماشي ولا تخشى من الواشي " , دخل الصالة وجلس وبسرعة فائقة أحضرت له كفي بالحليب الطازج وجلسنا نتبادل الحديث عن بلاد العرب التي لا يعرف عنها أي شئ سوا " دبي " , وبينما نحن كذلك دخلت العجوز المنزل وعند باب الصالة قالت لنا " هاي " وعلى وجهها ملامح العبوس وجهتها للرجل , ذهبت إلى غرفتها , شرب الرجل الكفي وذهب , أتت العجوز تمشي الهوينة وسألتني من هذا , أخبرتها , قالت وعلى أي أساس تدخله البيت , قلت ضيافة وسأدفع لكِ قيمة ما أعطيته , لم تفهم ما أقصد بالضيافة وكأن ما فعلته من وجهة نظرها قمة الغباء , قامت عائدة إلى غرفتها تهز أكتافها وهي تقول لا أريد منك شئ , وفي غرفتي وضعت رأسئ على الوسادة , حينها عادت بي الذاكرة لعاداتنا الجميلة الكرم والجود والضيف تلك العادات التي أصلها فينا الدين الإسلامي الحنيف من خلال رسول كريم صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه " وقال عندما سأله رجل أي الإسلام خير قال صلى الله عليه وسلم " تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف "
وقد لمست ذلك كثيرا في أبناء بلدنا الكرماء , فعندما تتعطل سيارتك في مدننا التي يختلط فيها الشرق والغرب لا يساعدك إلا عربي , وعندما تجوع ولا تجد ما تأكل أطرق الأبواب فستجد من يرحب بك ويطعمك من الموجود و اللاموجود أحيانا يأتي به ليكرمك , عندما تسمع أن رجلا باع سيارته ليكرم ضيوفه فلا تستغرب , عندما تذهب لزيارة سياحية لأحدى القرى وتجد من يحلف عليك للتتناول الطعام معه فلا يصيبك الذهول .
وبهذا أرى أن العرب من أكرم العالم فعندما يكون الضيف بين ايدهم تنتهي كل الحسابات , عندما يأتي الضيف تنتهي كل الأسئلة , في بلادنا من النادر أن تجد من ينام في الشارع على العكس تماما الدول المتقدمة والأكثر ثروة تجد بعض أبناء جلتدهم يتوسد الرصيف ويلتحف المخلفات , وهذا لأن معايير الكرم والجود معدومة عند تلك المجتمعات الرأس مالية التي تعتبر الكرم من مفاهيم الغباء , لذا تجد العرب في بلاد الغرب أكثر شعبية وأهل سيادة بسخائهم وعطائهم.
وكما قال المتنبي
لــولا المشــقةُ سـادَ النـاسُ كُـلَهم الجـــودُ يُفقِــر والإقــدامُ قَتَّــالُ
مجلة عالم الغذاء
تعليقات
إرسال تعليق