التغذية المدرسية في السعودية متى ينصلح حالها ؟
مجلة عالم الغذاء - 125- ندوة العدد -
التغذية المدرسية بحاجة لتغيير شامل
شارك في الندوة:
- د. أحمد الشوشان، أستاذ تغذية الإنسان، جامعة الملك سعود
- إيمان مكي العمودي، أخصائية تغذية، مدينة الملك فهد الطبية
- حسن علي العمري، أخصائي تغذية، الهيئة الملكية بالجبيل
أدار الندوة وأعدها للنشر: علاء أبو العينين
تصوير: طالب حسن
عناوين فرعية:
د.الشوشان:
- فكرة التغذية المدرسية بدأت عندنا بشكل غير مدروس
- أرى ضرورة نقل مهام التغذية المدرسية لوزارة الصحة
- يجب وضع نظام للتغذية المدرسية قام على أسس علمية
العمودي:
- لا يوفر المقصف لأطفالنا في العادة بدائل غذائية صحية
- أقترح إلغاء المقصف واعتماد أسلوب أخر لتقديم الوجبة
- لماذا لا تُستغل أجازة الصيف في ثقيف المدرسين غذائيا؟
العمري:
- مفهوم التغذية المدرسية عندنا يعني لي التغذية التجارية
- المتخصص غائب من الإدارات المسئولة عن تغذية المدارس
- نلاحظ غياب الاشتراطات الصحية عن مقاصفنا المدرسية
في مثل هذا التوقيت من كل عام ومع مطلع العام دراسي، يتزايد الحديث في الصحف ووسائل الإعلام عن التغذية المدرسية ومشاكل المقصف المدرسي. وتبرز للسطح نفس المشاكل التي تطرح منذ عدة اعوام، رغم تأكيد المسئولون على إتخاذ الإجراءات الكفيلة بحلها.
ويبدو الأمر وكأننا ندور في حلقة مفرغة ما يعني استمرار معاناة ابنائنا من مشاكل التغذية وتأثيراتها المترتبة على صحتهم.
(عالم الغذاء) استضافت في ندوة هذا العدد مجموعة من المتخصصين في الغذاء والتغذية، حاولوا وضع النقاط على الحروف واكتشاف أسباب تردي وضع التغذية المدرسية.. وقدموا رؤاهم ومقترحاتهم لتعديل وإصلاح هذا الوضع بشكل جذري.
عالم الغذاء: في بداية الندوة.. نريد أن نعود بالزمن للوراء ونلقي الضوء على فكرة المقصف المدرسي وبداياته في المملكة؟
د. الشوشان: من ناحية تاريخية، بدأت فكرة التغذية المدرسية في المملكة بشكل غير ممنهج أو غير مدروس؛ فلم يكن للتغذية المدرسية وجود حتى جاء أحد الوزراء وكان متحمسا للفكرة وطرحها. ومع بدء إقرار التغذية المدرسية تم تقديمها للطلاب في شكل معلبات حتى من الأغذية الشعبية مثل المطازيز والمرقوق. وبعد ذلك كثر الحديث والنقاش حول التغذية المدرسية حتى تولتها شركة خاصة. لكن رغم خلاص كل الجهود التي بذلت في هذا المجال، فقد افتقدت للفكر العلمي، وهذا تعامل غير سليم حيث أن التغذية تشبة النواحي التربوية لذا لا يجدي معها التعامل العاطفى فهي قضية علمية وعملية لابد أن تخضع لبرنامج محدد ومنهج علمي ولابد أن توضع لها موازنة اقتصادية وقوة عاملة. خلاصة الأمر: نحن نواجه مشكلة في إقرار التغذية المدرسية
كمنهجية وكاستراتيجية، والمسألة عندنا تخضع لاجتهادات شخصية.
عالم الغذاء: ما تعليقكم إذن "لأئحة المقاصف المدرسية لمدارس البنين والبنات بوزارة التربية والتعليم" وما بها من قواعد وتنظيمات شاملة لوظيفة المقصف وسلامته وكيفية إدارته؟
د. الشوشان: أقدر الجهد المبذول في هذه اللائحة لكنها لم تعتمد على دراسات علمية أجريت في مجال التغذية المدرسية.
عالم الغذاء: لا شك أن شك أن افتقار التغذية المدرسية للفكر العلمي – كما قال الدكتور الشوشان – ترتب عليه مشاكل عديدة.. هل حدوثتونا عنها؟
العمري: مفهوم التغذية المدرسية عندنا ليس له وجود بالمعني الحقيقي؛ انا أسميه التغذية التجارية . في حقيقة الأمر، لا تقدم المقاصف عندنا للطلاب وجبات متكاملة غذائيا. فضلا عن مخالفة هذه المقاصف لما جاء في لأئحة المقاصف المدرسية من شروط للمقصف والوجبات التي ينبغي ان تحوي عليه. علي سبيل المثال إذا رجعنا لهذه اللائحة سنجد أنها تقول: يسمح بالعصائر الطبيعية (100 %) في عبوات غير زجاجية وخالية من المواد الملونة والحافظة أو العصائر المعلبة التي الذي لا تقل نسبة عصير الفاكهة فيها عن 30 % شرط خلوها من المواد الملونة. ومع ذلك سنجد انم الكثير من المقاصف تخالف هذا البند؛ فقد تحدثت مع أحد الطلاب قبل الحضور لهذه الندوة وسألته عن نوع العصائر التي تقدم في المقصف المدرسي فذكر لي أنواع من عصائر الشراب التي لا تزيد فيها نسبة العصير عن 15٪، ونفي الطالب تقديم أي نوع من العصائر الطازجة. وهناك بند اخر في لأئحة المقاصف يقول: إن المشروبات الساخنة وخاصة الحليب الساخن من المشروبات التي يسمح بتقيدمها في المقاصف، ومع ذلك نادرا ما نجد مدرسة تقدم الحليب لطلابها.
العمودي: الصحة المدرسية بصفة عامة ومن ضمنها التغذية المدرسية مشكلة متشبعة ومتشابكة جدا تبدأ من البيت إلى كبار المسئولين في الدولة. وقت الدوام المدرسي عندنا على سبيل المثال يبدأ في وقت مبكر للغاية؛ وبالتالي يعتمد الطلاب على تناول وجبة الفطور أثناء الفسحة. فضلا عن أنه نادرًا ما نجد بين الآباء في مجتمعاتنا من يحرص على حصول أطفاله على وجبة الفطور، بل قد يتعود بعض الأطفال على عدم تناول طعام الفطور اقتداء بآبائهم الذين لا يتناولونها. وبجانب وقت الدوام المدرسي، هناك مشاكل أخرى مثل التلاعب الحادث في تطبيق الشروط الصحية بالمقاصف، وتزاحم الطلاب على محل صغير قد لا تزيد مساحته عن مترين في مترين، وعدم كفاية الوقت المخصص للفسحة حيث يتراوح عادة بين ربع وثلث ساعة. كما لا يوفر المقصف المدرسي لأطفالنا في العادة بدائل غذائية صحية حيث تقدم بعضها على سبيل المثال الشيبسهات والمشروبات الغازية والشوكولاتات. واعتقد أن السبب في ذلك هو أن المقصف انقلب دوره وأصبح مجرد وسيلة للربح المادي بدلا من مكان يقدم وجبة متكاملة ومفيدة الطلاب؛ لذا صار القائمون عليه يفكرون في تقديم الأشياء التي يرغبها الأطفال حتى يتمكنون من بيعها.
د. الشوشان: عندما ننظر إلى حال مقاصفنا علينا أن نتساءل هل هي معنية بتقديم احتياجات الطلاب الغذائية أم أن الأمر لا يزيد عن كون هناك فسحة مخصصة للطلاب ولابد أن يقضوها في شيء فيقضوها في الأكل؟
أرى أن هذا التصور هو الحاصل في مدارسنا؛ حيث لا تعبر التغذية المدرسية المقدمة الآن إطلاقًا عن احتياجات الطلاب الغذائية. في ظل الوضع الراهن تلاحظ أن المقاصف المدرسية تنقصها أدنى الاشتراطات الصحية المطلوبة. تجد ان هناك بيع لمواد غذائية غير مفيدة وقد تكون الغاية ناحية تجارية أكثر من شيء آخر.تجد أن العمالة غير مؤهلة أو مدربة، ولا يمارس حتى في عملية البيع أي نوع من الترغيب الذي يمارس في البقالات الخارجية فكل شيء مدفوع والعملية مفروغ منها. مكان أغلب المقاصف المدرسية هو زاوية من الزوايا التي تفرغ للبيع لا تجد فيها تهيئة لطوابير الطلاب تجد عرض البيع والثلاجة بجانب القلي. تجد مواد النظافة مواد تقليدية جدًا لابعد الحدود.
عالم الغذاء: حدثونا عن مخاطر الأغذية التالية التي تباع في بعض مقاصفنا على صحة أطفالنا: الشيبس، المشروبات الغازية، الحلوى، الشوكولاتات، عصائر الشراب والشراب المحلى.
العمري:الأشكالية الرئيسة لهذه الأغذية أنها تحل محل أغذية مفيدة للطفل؛ فقد لا تحل محل الوجبة لكنها تحل محل أغذية رئيسة. فالطفل إذا خير بين الشيبس والمشروبات الغازية والحلوى والشوكولاتا من جانب ومأكولات أخرى مفيدة مثل الحليب والجبن والبيض، سيختار بالتأكيد المجموعة الأولى. كما أن كل هذه الأطعمة قد تؤدي إلى الإصابة بتسوس الأسنان وفقر الدم سواء بشكل مباشر او غير مباشر؛ لأنها تأتي على حساب غذاء مفيد.
د. الشوشان: إضافة إلى ما ذكر، أري أن تكرار تناول مثل هذه الأغذية قد يخلق نوعا من التعود عليها ويتم توجيه السلوك والنمط التغذوي للطفل نحو هذه النوعية من الأغذية خاصة في ظل التساهل الأسري. وفضلا عن ذلك فقد أسهمت هذه النوعية من الأغذية بسعراتها الحرارية المرتفعة في ارتفاع معدلات السمنة بين أطفالنا التي تتراوح - وفقا لبعض الدراسات - بين 50 و 55 %.
عالم الغذاء: هناك اشتراطات صحية يجب أن تتوفر في الوجبة المدرسية أو في المقصف المدرسي.. هل تعتقدون ان مثل هذه الاشتراطات تطبق في مدارسنا؟
العمري: نلاحظ غياب الاشتراطات الصحية عن مقاصفنا. على سبيل المثال من النادر في المدارس بالرياض أن يشمل المقصف على مستودع خاص للمواد الجافة او أخر المواد للمبردة تكون درجة الحرارة فيه أقل من 8 درجات مئوية. والأسوأ من ذلك ان المدارس الجديدة عندما يتم إنشاءها.. لا يضع المسئولين عنها في اعتبارهم مسألة توفير مكان يتناول فيه الطلاب طعامهم.
د. الشوشان: جيد أن نطرح الاشتراطات الصحية للمقاصف.. لكننا نطرحها في ظل عدم استيعاب للفكرة. اعتقد أن المشكلة لا تكمن في الاشتراطات ولا الوجبات التي تقدم في المقاصف. المشكلة الرئيسة هي عدم وجود نظام معد بشكل علمي ومدروس للتغذية المدرسية لذلك ستظل بهذه الوضعية المتردية. وإذا عدنا لجزئية الاشتراطات الصحية فهي اشتراطات اعتيادية يفترض أن تتوفر في الوجبات الغذائية المقدمة والعامل الذي يقدمها والمكان المعروضة فيه. يفترض كذلك أن تؤدي الوجبات المدرسية الدور المنوط بها سواء كان تلبية احتياجات الطلاب الغذائية فقط أو عمل وقاية من مشكلة معينة تواجه الطلاب في مجتمع ما مثل فقر الدم.
عالم الغذاء: المادة 43 من قواعد التنظيم بمدارس التعليم العام تنص على تشكيل لجنة إشرافية على المقصف المدرسي تتكون من مديرة المدرسة والمعلمة المشرفة على المقصف ومرشدة الطالبات ومعلمة مادة العلوم ومعلمة الاقتصاد المنزلي.. هل تعتقدون أن الاسماء الموجودة في هذه اللجنة مؤهلة لأن تحدد ما إذا كانت الأغذية المقدمة في المقصف صحية؟
د.الشوشان: عندما ننظر للقواعد التنظيمية المتعلقة بالمقاصف نجد انها تؤخذ من بعد إداري وليس بعد تخصصي. الأسماء الموجودة في هذه اللجنة جيدة جدًا لكن ينقصها البعد التخصصي على الأقل أخصائي تغذية. فكل هذه الأسماء المكونة للجنة هم من ضمن الفئة المستهدفة في التوعية. وهذا يعطيك انطباعا بأن كل هذه الجهود لا تقدم حل صحيح لأنها تخضع للاجتهادات.
عالم الغذاء: نسأل عن المواصفات الصحية للوجبة المدرسية وكذلك لوجبة الفطور الذي ينصح بان يتناولها الطفل في منزلة قبل الذهاب للمدرسة؟
العمودي: بداية أشير إلى أن مواصفات وجبة الفطور في المنزل لا تختلف عن مواصفات الوجبة التي تقدم في المقاصف. وتختلف مكونات الوجبة وفقا للاحتياجات الغذائية التي تحدد وفقا لعمر الطفل. وبصفة عامة، يفترض أن تكون وجبة الفطور متوازنة ومتكاملة بحيث تحتوي على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجها الطفل ولا تتركز فقط على الأغذية ذات السعرات الحرارية المرتفعة. يجب كذلك أن يكون البروتين مكونا أساسيا من مكونات وجبة الفطور وذلك بإحتوائها إما على جبن أو بيض أو فول أوعدس. ويمكن أن تحتوي الوجبة على الحليب. الأملاح والفيتامينات المعدنية والألياف عناصر مهمة أيضا في وجبة الفطور ويمكن الحصول عليها من الفواكه والخضروات الطازجة. وللألياف الغذائية فائدة خاصة؛ حيث أنها تعطي فترة شبع للطفل والتي يحتاجها للصمود خلال فترة الدوام. لكن للأسف الشديد تعد عادة تناول الخضار والفاكهة في الإفطار من العادات المفقودة في مجتمعنا.
د. الشوشان: يسهل على أي متخصص أن يقدم الاحتياجات الغذائية التي يجب أن تتوفر في وجبة فطور الطالب، يسهل على أي متخصص أن يقدمها. ولن نختلف في ضرورة احتواء وجبة الإفطار على عناصر من جميع المجاميع الغذائية المختلفة وبكميات تتناسب مع عمر الطفل. لكن المشكلة التي نواجهها ليست مشكلة أكل فقط إنما لها أبعاد عديدة لها علاقة بالسلوك والناحية التربوية والميل نحو الربح المادي وغيرها من النقاط والسلبيات التي تم ذكرها.
لذا اعتقد أن تركيزنا الآن يجب أن يبدأ بمطالبة الجهاز التعليمي أو الدولة بتقليل الضرر الآن في هذه المرحلة وذلك عبر منع بيع المواد الضارة.
العمودي: اعتقد أن تجنب الضرر يبدأ من توعية الأهل؛ فإذا قام الآباء بتأمين كل احتياجات أطفالهم الغذائية فلن ينقصهم شيء. لذا يجب توعية أولياء الأمور بأهمية وجبة الفطور المهملة، وما يجب أن تحتوي عليه حتى تكون صحية ومتوازنة ومتكاملة. المشكلة تتمثل هنا في الناس أنفسهم تكون لديهم فهما مغلوطا لدور المقصف وأصبح عند بعضم مكانا أساسيا لتناول الوجبات رغم أن دوره ينبغي أن يكون مكملا.
أرى أن مشاكل المقاصف والتغذية المدرسية لا تقتصر فقط في المسئولين ولا الهيئات وإنما أيضا في الطلبة وأولياء أمورهم.
د.الشوشان: كلام الأخت إيمان صحيح من الناحية الفلسفية؛ حيث يقول البعض لماذا لا نأخذ زمام الأمور ونبادر بحل ما نستطيع بدلا من الجلوس وإلقاء اللوم على الدولة والهيئات والمسئولين. هذا كلام جميل وقد اختلف الفلاسفة والمفكرين على وجهة النظر هذه لكن الاختلاف هو في قضايا العمل الاجتماعي مثل نظافة الشوارع فأنا قد القي بالمسئولية على الدولة والأخت إيمان تلقي بالمسؤولية على المجتمع. لكن في قضايا رسمية مثل التغذية المدرسية فهذا نظام دولة لا تستطيع مهما أوتيت من الوعي والمعرفة والثقافة أن تغير في كيان المدرسية. ولا ينفع في علاج هذه القضايا وعي الآباء إلا من ناحية واحدة أن تدفعهم باتجاه مطالبة المسئولين بأن يكون هناك منهجية ونظام قائم على أسس علمية للتغذية في المدارس.
عالم الغذاء: نتفهم رآيك يا دكتور لأنه لو لم يوجد نظام قائم على أسس علمية للتغذية المدرسية، فإن ما اقترحناه من حلول لتحسيين وضع التغذية المدرسية قد يطبق في مدرسة ولا يطبق في أخرى على حسب أهواء القائمين عليها.
د.الشوشان: هذا صحيح. وأنا لا أقول أن كلام الأستاذة إيمان غير صحيح. لكن لدي قناعة بأن كل الاقتراحات التي قدمناها والمجهودات التي نبذلها ستذهب سدى ما لم يوضع نظام للتغذية المدرسية قائم على اسس علمية بمساعدة المتخصص ومقر من الجهات السياسية العليا. ولا يعني كلامي أنني متكئ على الهيئات والمسئولين لكن بدونهم لا نستطيع فعل شيء.
العمودي: لا اختلف مع دكتور الشوشان في أن حل الكثير من مشاكل التغذية يعود للمسئولين. وأنا وغيري نتحدث مع المسئولين حول مشاكل التغذية المدرسية ونقدم لهم اقتراحاتنا. أنا أرى أنه من الضروري التحرك في اتجاهين ااول أن نتكلم مع المسئولين ونطالبهم بالنظر في تطبيق اقتراحاتنا. والثاني ان نسعى لتوعية الأهل باهمية التغذية المدرسية وضرورة تناول وجبة الفطور ومكوناتها وغيرها من الأمور التي تساعهد في النهاية على تحسين وضع تغذية اطفالنا. عندنا مشكلة وعلينا أن نبدأ خطوة بخطوة؛ لأننا لن نقدر على حل كل شيء بشكل جذري. نبدأ بالشيء الذي نقدر عليه ونطالب بالشيء الكبير ولعل وعسى نوصل لهدفنا في النهاية وهو أن تكون الصحة المدرسية عندنا بشكل علمي ومنظم ويكون فيه تخطيط وتطبيق الكلام الموجود على الورق.
د.الشوشان: اسمحوا لي بأن أطرح عليكم هذا السؤال: لماذا وضع التغذية المدرسية بهذا السوء رغم وفرة الإمكانيات البشرية والمادية لدينا؟
إيمان: أرى أن العملية متشابكة وهناك حلقة مفقودة لا استطيع تحديدها. نحن نطالب بتصحيح وضع التغذية المدرسية وندلي باقتراحاتنا في هذا الخصوص ونأمل أن ياخذ المسئولون كل هذه الاقتراحات ويدرسوها وينظروا في إمكانية تطبيقها.
د.الشوشان: هل تقصدين أن السبب في الوضع المتردي للتغذية المدرسية عندنا هو نقص المعلومة عند المسئولين؟
العمودي: لم أقصد ذلك. فالكلام الذي يوجد في "لأئحة المقاصف المدرسية لمدارس البنين والبنات بوزارة التربية والتعليم" ليس عليه أي غبار لكن التطبيق غير سليم. المشكلة مطروحة لكن لم يتناولها أحد بجدية.
العمري: من وجهة نظري أن السبب في تردي وضع التغذية المدرسية هو غياب المتخصص في الإدارات المسئولة.
د. الشوشان: اعتقد أن المسئولين في وزارة التربية التعليم لديهم معلومة واضحة بأن التغذية مهمة بالنسبة للأطفال وهم يؤكدون ذلك في لائحة المقاصف حيث يشيرون إلى أن التغذية السليمة تعد الركيزة الأساسية للتنمية الصحية في المجتمع. طالما لديهم المعلومة.. لماذا إذن لا يقومون بتطبيقها؟
واحد من الأسباب هو غياب التخصص في الأجهزة الإدارية التي تتحكم في هذه الأمور.. وهذا طرح معقول.
عالم الغذاء: ما هي مقترحاتكم لتصحيح الأوضاع في المقاصف والتغذية المدرسية عموما؟
العمري: بالنسبة للتغذية المدرسية، أهم خطوة اقترحها أن يكون في كل مدرسة مكان شبيه بالكافتيريا، يكون فيه مقصف يتم فيه إعداد الوجبة وصالة معدة لتناول الطعام. وأن يكون هناك رقابة . اقترح أيضا أن تكون هناك رقابة على هذه الكافتيريات من قبل الوزارة نفسها وليست مجرد رقابة من مدير المدرسة؛ بحيث ترسل متخصصين لعمل زيارات وجولات على المدارس بهدف التأكد من تطبيق الاشتراطات الصحية في هذه الكافتيريات.
العمودي: مشكلة المقصف المدرسي ليست فيما يحتويه مشكلته في وجوده أصلا؛ لذا أرى ان هناك حاجة لدراسة الموضوع كلة من جديد؛ بحيث يتم عمل هيكلة جديدة لنظام التغذية المدرسية من وقت الفسحة والمكان الذي يتناول فيه الطلاب طعامهم وتوعية الأهل والمدرسين باهمية التغذية المدرسية وضرورة أن يكون القائمين أو المشرفين على التغذية المدرسية من المتخصصينحل مشاكل الدوام المبكر وعدم كفاية وقت الفسحة، وتخصيص وقت للعب يختلف عن وقت تناول وجبة الفطور.
وأقترح أن يتم إلغاء المقصف المدرسي تماما واعتماد أسلوب آخر لتقديم الوجبة المدرسية للطلاب؛ بحيث يؤخذ من أولياء الأمور مع بداية العام مبلغ رمزي لتوفير الوجبة المدرسية على أن يتم التعاقد مع شركة غذائية موثوق فيها لتوفير خيارات متعددة لوجبات غذائية متكاملة توضع في صناديق خاصة بحيث توزع هذه الوجبات على الطلاب قبل النزول للفسحة. وبذلك نكون قد نجحنا في حل مشكلة المكان المعد لتناول الوجبة وتلافي الخلل الذي قد يحدث في مكونات الوجبة ونوعيتها وتفاددينا مشاكل المقصف من زحام وعدم ترافر للشروط الصحية. ويترفق مع ذلك تركيب ماكينات للماء والحليب والعصير. اقترح أن ينظر لفترة الراحة (الفسحة) ويعطوها وقت أطول. وأطالب بتوفير مكان صحي مهيأ يتناول الطلبة فيه وجباتهم.
يفترض أن تكون الرقابة على المقاصف من ثلاث جهات هي: مديرية الشئون الصحية أولاً ثم من قبل الصحة المدرسية المشرفين عليها وأخيرا من قبل المدرسة ذاتها. وأرى ان ذلك سيكون كفيلا بإختفاء مشاكل المقاصف.
العمري: نلاحظ ذهاب أطفال أكثر العوائل السعودية إلى مدارسهم بدون فطور.. لذا اقترح توعية الأهالي بعمل صندوق توضع فيه وجبة متكاملة للطالب على أن يحفظ هذا الصندوق في مكان مبرد بالمدرسة حتى حلول وقت تناول الإفطار.
العمودي: أتساءل لماذا لا نأخذ من الدول الغربية المقترحات الجيدة المتعلقة بالمقاصف والصحة المدرسية بصفة عامة؟
فقد عشت في الغرب فترة طويلة من طفولتي هناك تبدأ المدرسة من الساعة التاسعة صباحا حتى 3.5 بعد العصر. وهذا يتيح للأم الوقت الكافيء لإيقاظ أطفالها وتناول فطورهم على راحتمهم وبدون عجلة قبل الذهب للمدرسة. إضافة إلى أن المدارس هناك تقدم وجبات متكاملة غذائيًا، والمدارس مجهزة بأماكن مهيأة بشكل جيد لتناول التلاميذ طعامهم. كما أن الطفل عندما يتم تسجيله في المدرسة تجهز له المدرسة ملفا يحتوي معلومات عن حالته الصحية وما إذا كان يعاني من أي نوع من الحساسية ضد طعام، ويتم مراعاة ذلك في الوجبات التي تقدم له، فضلا عن مراعاة الناحية الدينية عند تقديم الوجبات فلا يقدم للمسلمين مثلا أطعمة محرمة مثل لحم الخنزير. المشكلة عندنا تتمثل في عدم حرص الأهل على وجبة الفطور. وإن حرصوا عليها فإن التوقيت المبكر للذهاب للمدرسة لا يسمح بتقديم هذه الوجبة. لا أدري لماذا لا يتغير دوام المدرسة ويتأخر قليلا؛ فقد تطور العصر وتطورت المناهج وأصبح تحوي معلومات صحية وغذائية معروضة بشكل شيق، لكن دوام المدرسة لم يتغير.
العمري: أسال أيضا: هو لماذا لا يتم رفع هذه القضية إلى مجلس الشورى؟ واعتقد هناك أعضاء متخصصين في التغذية في مجلس الشورى.
العمودي: أتساءل أين دور الجمعية السعودية للغذاء والتغذية؟ أين دور هيئة الغذاء والدواء؟
فقد فرضت هذه الهيئات نفسها على المجتمع.. لذا اتساءل أين دورها في حل مشاكل التغذية المدرسية؟
تدخل هذه الجهات امر هام؛ حيث أنه لا يمكن مقارنة صدى مثل هذه الندوة بقيام هذه جهة من تلك الجهات بالتصدي للمشكلة ورفعها للجهات المسئولة.
د.الشوشان: طالما توجد قناعة كما هو مشار إليه في "لائحة المقاصف المدرسية لمدارس البنين والبنات بوزارة التربية والتعليم" بأن التغذية المدرسية تمثل ركيزة من ركائز تنمية المجتمع والصحة المدرسية فمن المفترض أن تحظى باهتمام أكبر مما هو قائم. وأرى أن آلية تحقيق هذا تتمثل في ذهنية مختلفة؛ حيث يجب أن تنقل مهام التغذية المدرسية إلى وزارة الصحة لأنها ليست مكونًا من مكونات التربية والتعليم، وإنما هي واجب صحي. ولا أقصد من ذلك سحب المسئولية من وزارة التعليم لأنها ستظل بالتأكيد الجهة التنفيذية. ولنا في المملكة تجارب مشابهة في هذا الخصوص مثل نقل المواصفات والمقايسس لوزارة التجارة ونقل الأدوية من وزارة الصحة لوزارة التجارة. لكن أؤكد على أن القضية ليست نقل مهام فقط من وزارة لوزارة لكن القضية هي قضية تمكن واستعداد وزارة أن تعتبر التغذية المدرسية مسئولية من المسؤوليات اللي يجب أن تهتم بها. الإشكالية الأساسية في مسألة التغذية المدرسية انها تدار بجهد مخلص لكنه جهد إداري وهذا جهد مهني يجب أن يصب في قناة المسائل والقضايا الصحية.
عالم الغذاء: نفترض أن المسئولية عادت لوزارة الصحة ماذا عليها أن تفعل بعد ذلك؟
د. الشوشان: أنا لا أُنظر لوزارة الصحة لكن يفترض أن تتعامل مع قضية التغذية المدرسية بجدية مثلما تعاملت مع قضايا أخرى. ولن يعي وزارة الصحة إطلاقا أن تضع نظاما مستقلا وبرنامجا تغذويا للمدارس ولا أن تستقطب المتخصصين لهذا الغرض. ثم يعرض هذا النظام على الجهات المختصة حتى يتم اعتماده واعتقد أن الدولة ليس عندها أي مشكلة في اعتماد مثل هذا النظام. فقط علينا أن نعمل على تجاوز عنق الزجاجة الذي يتمثل في إيكال الاختصاص لغير أهله.
عالم الغذاء: نختم ندوتنا بمقترحات لتحسين وضع التثقيف الغذائي والصحي بصفة عامة في مدارسنا؟
د. الشوشان: أقترح أن تقر وزارة التربية والتعليم برنامج طويل لتثقيف التلاميذ غذائيا وصحيا؛ بحيث تخصص ساعات معينة من الدوام المدرسي لمحاضرات يلقيها متخصصون ويقدمون خلالها رسائل غذائية وصحية واعية ومحددة. أعتقد أن ذلك سيكون جهد طيب فالتوعية المدرسية يفضل أن تكون طويلة المدى وأن تتم عبر الاستعانة بمتخصصين. وهذا هو الخطا الذي وقعت فيه الصحة المدرسية حيث ان لها جهود طيبة في التوعية لكنها قصيرة الأمد، فلا يعرف احد هل تحقق الهدف منها أم لا.
العمودي: في فترة الإجازة الصيفية يذهب المدرسون للمدرسة من أجل توقيع الحضور فقط. وأتساءل هنا: لماذا لا تُستغل هذه الفترة في عمل تثقيف صحي وغذائي للمدرسين أنفسهم؟
وأشير إلى أن توجيه الشمال طبق هذا الاقتراح.. فلماذا لا يطبق في جميع مناطق المملكة؟
مارس 23rd, 2010 at 23 مارس 2010 6:49 م
الله يصلح الحال يارب
أكتوبر 16th, 2010 at 16 أكتوبر 2010 2:29 م
صراحة جبتوها في الصميم وقد عملو الطلبة والطالبات صفحة في الفيس بوك يتكلمون عن سوء الغذاء والتغذية في المدارس …تفضل وشاركنا في الرأي …
http://www.facebook.com/pages/qatw-kakwwww/120857437972373?created
أكتوبر 15th, 2011 at 15 أكتوبر 2011 3:56 م
نوفمبر 11th, 2011 at 11 نوفمبر 2011 4:18 ص