قصتي مع عملية المرارة و النزيف بعد العملية

أول الكلام

قول الشاعر

وكل شديدة نزلت بحي            سيأتي بعد شدتها رخاء

بداية القصة

عندما كنت ألعب كرة القدم في ملاعب خنشليلة بجنوب الرياض في أخر سنة من المرحلة الثانوية تقريبا عام 1418هـ

في تلك الفترة أحسست بإنقباض شديد في المنطقة بين الصدر و البطن الجهة اليمنى

اتذكر ذهبت لمستوصف الحي وقال لي الدكتور قد يكون عندك مرارة

لم أفهم ما يقصد الدكتور

أخذت أدوية المستوصفات المعتادة وذهبت

ما كانت أراه من عادة سيئة بعد تلك المرحلة أنني كنت مقصرا في شرب الماء خصوصا في فصل الشتاء

و أرى أن تكوين الحصوات في الجسم قد يكون له علاقة بقلة شرب الماء و هناك سبب مهم وهو الوراثة

فجدتي لأمي أطال الله عمرها عملت عملية إستئصال المرارة و أختي أيضا

بداية الألم بعد ستة عشر عام في سنة 1434هـ

بعد ساعة من وجبة عشاء في الظهران مول وجبة كانت سمك مقلي وبطاطا مقلية مع عائلتي

أحسست بألم شديد في المنطقة اليمنى من الظهر يتجه إلى نحو الأسف

أختفت فجأة مع الحركة

وبعد شهور عاد الألم بشكل متواصل

كنت حينها أذهب لطوارئ مستشفى الهيئة الملكية في الجبيل و هناك أجد طبيبا سعوديا يقول لي هذه اعراض القولون العصبي

بعد ذلك يصرف لي علاج القولون وأنا لازلت أتعصر من الألم أعود بعدها وأخبرهم أن الألم لا زال مستمر

كانوا يعطوني إبرة مهدئة (أعتقد انها اسكوبينال أو فولتارين) يزول الألم بعدها

بعد تلك الأبرة أستمريت في حياتي الطبيعية قرابة الاسبوعين

وذات مرة و بعد ساعة من وجبة دسمة بلغ الألم مني مبلغة حتى سال الوجه و الجسم عرقا

توجهت للمستشفى أستقبلتني طبيبة هندية في الطوارئ وقالت العرق دليل على ألم شديد

وصرفوا لي الأبرة المعتادة وبعض الأدوية وأعطتني موعد مع الباطنية

وبعد الموعد مع دكتور الباطنية حَولت إلى الإشاعة الصوتية

حيث كشفوا عن وجود حصى كبيرة في المرارة و حصوات أخرى صغيرة

وقال لي الدكتور لا بد من أجراء عملية

حُولت إلى دكتور الجراحة المصري الشاذلي

حينها قرروا عملية إستئصال المرارة

سألته متخوفا عن العملية

ضحك وقال : بتعيش يا عمي بتعيش مش حتموت

وقبل الموعد المقرر بأيام أشتد الألم وذهبت إلى الطوارئ حينها قرروا التنويم مباشرة

وللأسف وقع حظي مع دكتور سوداني زائر اسمه سليمان عمر أو عمر سليمان

كان يذكرني بنائب الرئيس المصري

نائب حسني مبارك

كان زائرا من مستشفى في القصيم

في اليوم التالي بدأوا في الإجراءات حينها اتصلت بوالدي أطال الله في عمره ليقف مع عائلتي

دخلت غرفة العمليات الساعة الثامنة صباحا و أفقت قرابة الساعة العاشرة والنصف تقريبا

العملية كانت  سهلة عبارة عن ثلاث فتحات في البطن عن طريق مناظير متطورة

هذه الصورة لحصواتي التي تخلصت منها ولله الحمد

وفي زيارة العصر وجدت المكان مليء بالأحباب و الأصدقاء وفقهم الله

وجدت المكان مكتظ بالورد و الحلوى

فرحت ببسمات والدي و أخي محمد

بعدها رأيت فرحة زوجتي أم حاتم و دموعها من الفرحة على السلامة

وبعد ثلاثة أيام في المستشفى بدأت في لملمة الورد و أطباق الشوكولاته أو كما قال علي الطنطاوي الشوكولاطه من المستشفى

اعطتني الممرضة إبرة مهدئة وقالت يجب عليك أن لا تجهد نفسك

ذهبت منطلقا إلى البيت مشتاقا

صعدت ثلاثة أدوار محملا بالورد و الحلوى فرحا مسرورا

وعندما أستقر الأمر بي في الدار

جلست على السرير اريد ان ارتاح وكنت حينها أحس بالدوار

قالت لي زوجتي العزيزة أريد أن أرى العملية

فحاولت أن أثنيها عن طلبها

والحمد لله أنني لم أثنيها

حيث كان لون البطن أحمر مائل إلى الدم المجمد هكذا فجأة

بتعجب وذهول قلت : هذا لم يكن لون بطني    

خرجت مسرعا إلى المستشفى

وهناك أيضا ذهلت الدكتورة المناوبة .. كانت طبيبة سورية

وأستدعت دكتور الجراحة و اطباء اخرين

والحمد لله كان الحظ سعيدا بفضل الله أن كان الطبيب المناوب هو الدكتور السوري رفعت السيد

حيث طلب منهم إسعافي بالدم

وبعد إشاعة الرنين المغناطيسي أكتشفوا وجود نزيف داخلي

كنت غارقا في الصمت وأنا أنتقل بين اقسام المستشفى

وفي أخر مرحلة عدت إلى غرفتي

هناك وجدت عمي عبدالله وفقه الله وأبن عمي علي بن سعيد

أتوا للزيارة لم يعلموا أنني خرجت للبيت ورجعت

أخبرتهم بما حدث من نزيف

وأنا في أوج القصة دخل الدكتور السوداني صاحب العملية عمر سليمان

حينها أنفجرت فيه بكل الكلمات و اخرجته من الغرفة

وطلبت من الدكتور رفعت أن يأتي بمدير قسم الجراحة

  وقفوا الأطباء فوق رأسي

أخبروني بضرورة إجراء عملية جراحية وفتح البطن

وافقتهم

ودخلت غرفة العمليات وقبل البنج أشار الدكتور رفعت قائلا سأفتح في بطنك هكذا و اشار بإنفراجه كبيرة بيده بين السبابة و الإبهام

تبسمت وقلت لم تعد تفرق

أخر منظر رأيته قبل مفعول البنج نظرات الدكتور كمال عبدالقادر وفقه الله

بدأوا في العملية الساعة الثامنة ليلا حتى الساعة الثانية عشر و النصف 

فقت من البنج وأنا اسب وأشتم 

أدخلوني الغرفة وكان عمي عبدالله و أبن عمي علي بن سعيد ينتظرون كل هذا الوقت

كنت حينها أتكلم باللغة الإنجليزية ههههه لا أدري لماذا 

أنطلق لساني بهذه اللغة رغم أنه معقود وأنا في كامل قواي العقلية

وبعد يوم من الألم

 أستدعيت رئيس قسم الجراحة و الدكتور رفعت وطلبت منهم التحقيق مع الدكتور السوداني سليمان

وقلت لهم بأنني اريد أن ارفع خطاب إلى مدير المستشفى عن الحادثة

  حينها قال لي الدكتور رفعت و رئيس القسم الدكتور كمال عبدالقادر مغلظين في الأيمان

والله أن العملية الأولى جرت كالمعتاد لكن يبدوا أنك أجهدت نفسك أثناء خروجك

حيث أنفجرت العروق الملاصقة للكبد التي كانت تغطيها المرارة قبل إستإصالها

وعندما تذكرت الجهد الذي قمت بها أثناء صعودي الدرج لثلاثة أدوار 

تأكد أنني جزء من المشكلة

وبعد شهر ونصف من النقاهة عدت سالما من هذه المشكلة ولله الحمد

صحيح أنني لن ولم أنسى الألم

لم أنسى مظهر بطني وهو مبتور بالطول قرابة 25 سنتيمتر

لم أنسى وقفة ابي أطال الله في عمره معي طيلة 14 يوم بعد العملية

لم أنسى تعب عمي عبدالله وهو نائم بجانبي على سرير جزاه الله خير

  

لم أنسى مجيء عمي اللواء سعيد بن غرمان من جدة من أجل زيارتي

لم أنسى أن أبي عمي سعيد وأبنه علي قاموا بنقل أثاث منزلي من حي الحجاز إلى حي جلمودة حيث مقر السكن الجديد

الذي تقرر وأنا في غرفة العمليات

لم أنسى زيارة أخي سعيد و والدتي من الرياض ولم أنسى خدمة لبازة لنا في المنزل

لم أنسى زيارة الرحيم محمد بن عبدالعزيز وفقه الله فهو قريبا من القلب دائما

لم أنسى قدوم العديل عبدالعزيز بن عبدالله بعائلته و أمه من الرياض إلى الجبيل لزيارتي و الوقوف مع عائلتي

لم أنسى زيارة العديل محمد بن عبدالله

لم أنسى الكثير من الأصدقاء الذين كرروا الزيارة مثنى وثلاث

لم ولن أنسى الدكتور السوري رفعت السيد الذي أراه كل جمعة ويعلم الله أنه يمشي أمامي وأنا أدعو له بالخير

فأسأل الله أن لا يحرمه الأجر

ولن أنسى طبيب الإمتياز الدكتور السعودي الشماسي نسيت اسمه الأول لكن أعتقد انه علي

ذو خلق عالي وفقه الله وتعامل طيب

وبعد نقاهة في المنزل و زيارات الأقارب و الأصدقاء كنت أفكر في ثلاثة زملاء كانوا في خانة الأصدقاء لكن بعد عملية المرارة

وضعتهم في خانة  الدرك الأسفل من قائمة الزملاء

كان أثنين منهم من البادية و الثالث من الساحل الشرقي من أصول تنحدر أيضا من البادية

تأسفت على الساعات و الاوقات التي قضيناها سويا

لم أصدق أنهم لم يتنازلوا ولو برفع السماعة على الأقل

علما بأن المستشفى لا يبعد عن أماكنهم سوا دقائق

ويعلم الله أن هذا الامر كان بالنسبة لي مهما لكي نمحص من خلاله الناس

وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم عندما قال لا تصاحب إلا مؤمنا 

أحدهم كان لا يركع لله إلا مع المواسم

وقول الشاعر

والناس كالأشجار

هذي يجتنى منها الثمار

 وتلك وقود النار

وختاما 

الحمد لله الذي كتب لي الحياة

الحمد لله على قدره وكرمه

الحمد لله الذي تتم به الصالحات

الحمد لله على نعمة زوال المرارة و ألمها

ويعلم الله انني تمنيت الموت في إحدى مراحل الألم

اللهم اكتب لي الأجر على الصبر 

اللهم أجعل هذا الجرح البارز في بطني زيادة في العمر و زيادة في العمل الصالح

وزيادة في شكرك يا الله 

يا كريم

يا رحيم

سبحانك يا الله