قصة قبل 60سنة من بني عمرو إلى مصنع كعكي الدمام

في مجلس لأحد اعيان قبيلتي بني عمرو في الدمام

تكلم رجل سبعيني عن ذكرياته مع الشرقية

يقول عندما بلغت العاشرة من عمري كان وضعنا في القرية في أسوء حالاته

المطر قليل والمحصول أقل

وكان والدي يردد لي جملة لابد ان تسافر يا ولد للعمل فوضعنا لا يحتمل وانت رجل وعليك مسؤولية

بعد مدة اعطاني والدي 18 ريال وقال هذا كل ما أملك اذهب إلى خالك في الطائف وتوظف عنده

ولا تنسانا من العون الله يعينك ويمد في رزقك

يقول خرجت من البيت معي 18 ريال وزويدة من التمر و الماء والخبز

وذهبت إلى النماص باحثا عن سيارة تنقلني إلى الطائف

يقول وجدت سيارة لوري وركبت معه على ظهر اللوري ب3 ريال 

وصلت الى الطائف بعد عدة ايام لمقابلة خالي اكبر رتبة عسكرية في الطائف وكان تلك الفترة قريبا ومقربا من الملك فيصل رحمهم الله

عندما وصلت الطائف رحبت بي زوجة خالي رحمهم الله وفي اليوم التالي ذبحت لي خروف ولم أرى خالي وفي اليوم الثالث ابلغتها عن حاجتي في وظيفة وانني انتظر خالي لمقابلته وشرح له الموضوع وفي اليوم الرابع قالت يقول لك خالك خذ هذا المبلغ وعد الى بني عمرو فانت صغير ولا تصلح للعمل

يقول غضبت من هذا الرد ولم اقبل الفلوس رغم حاجتي لكن من مبدأ الرجولة رفضت قبولها وتوجهت الى عشيرة متجها الى الرياض حيث تعتبر منطقة عشيرة مركز الانطلاق الى مدينة الرياض وتستغرق الرحلة قرابة أربعة ايام على سيارة الفورد المشهورة بنقل الركاب والبضائع.

 عند السائق الاول قلت له اريد الذهاب الى الرياض قال كم معك قلت له معي 15 ريال قال هذا المبلغ لا يكفي للوصول الرياض انت تحتاج الى 25 ريال للوصول الى الرياض حاولت فيه فطردني وبعد ذلك توجهت الى السائق اخر من قبيلة غامد وابلغته بحاجتي الى الوصول إلى اختي في الرياض للبحث عن عمل هناك قال لي كم لديك قلت له 15 ريال قال اذهب يا ابني فانت صغير في السن لا تصلح للعمل وليس لديك مبلغ مالي يوصلك.

وقفت امامه بالساعات حتى اكتمل ركابه وشغل السيارته متجها الى الطريق وقفت امامه انظر وبعد تبادل النظارات ناداني قال يا عمري تعال واركب فوق المظلة واعطيته 15 ريال

ثم قال : لكن كيف ستاكل وتشرب خلال الطريق لأربعة ايام،

قلت له انني شبعان ولله الحمد من بيت خالي أكبر قائد في منطقة الطائف العسكرية قال لا يكفي، وعندما عبرنا الطريق لمدة 20 ساعة تقريبا وقفنا في قهوة لتناول وجبة مكونة من الشاهي والخبز.

حينها اتاني معاون السائق وقال لي تعال خذ اكلك، رفضت وقلت لا اريد، وجلست متقبضا في مكاني لان ليس معي نقود ادفعها للقهوة,

 عاد لي مرة اخرى وقال لي يقول لك السائق ان لم تنزل وتاكل فسوف يتركك هنا في هذا المكان، و من الخوف نزلت من اعلى السيارة الى الاسفل بسرعة وتوجهت للسائق واكلت معه،

وقلت له ما هو المقابل الذي ادفعه لك او اقوم به مقابل ما اكلته من خبز وشاهي قال سأكلفك ببعض الاعمال في التحميل والتنزيل وعندما ركبنا السيارة قال لي مهمتك ووظيفتك الان مقابل اكلك وشربك هو ان تسولف علي لكي لا انام في الخط وبعد اربعة ايام وصلنا لمدينة الرياض وهناك اعطاني السائق جزاه الله خيرا ريالين، الريال الأول تسليم لأختي وربع ريال افطر فيه في حي البطحاء وربع ريال لكي اصل إلى حي المربع حيث تقطن وتسكن اختي، و ربع ريال اخر من اجل ان اشتري صابون واغسل وجهي لانه قال لي وجهك لا يسر الناظرين من اثر الغبار والشمس في الطريق،

 وصلت الى بيت اختي وسلمت عليها بريال وبعد فتره اشار علي زوج اختي بالسفر الى مدينة الدمام والعمل في ارامكو،

عندما توجهنا الى ارامكو لم اجد قبولا بسبب ايقاف التقديم والقبول للعمال العاملين في مجال البترول، وبعد عدة ايام من البحث عن الوظائف اشاروا لي بمصنع كعكي للكوكاكولا في الدمام حيث عملت فيه عامل في المستودعات لعدة سنوات خلال تلك السنوات كنت ادرس الابتدائية وبعد ذلك انهيت المتوسطة وكنت اعمل بشكل كامل لكامل اليوم في الصباح في مصنع كعكي وفي فترة العصر ادرس وفي الفترة المسائية اعمل مع العسة في سوق الحب بالدمام.

بعد هذه الحقبة من العمل والدراسة تخرجت من المتوسطة ومن الثانوية وانا اعمل في هذا المصنع حتى اصبحت كاتبا مرموقا وعملت بعد ذلك في محكمة الدمام ومع القاضي المشهور -ذكر اسمه ولم يتسن لي تسجيله- بعد عدة سنوات من العمل في المحكمة طرحت ارامكو عده وظائف ادارية ولله الحمد فزت بالعمل مع أرامكو ومكثت بها إلى سن التقاعد.

بعد هذه السنوات الطويلة لا زلت اتذكر موقف سائق التاكسي الغامدي رحمه الله رحمة واسعة اتذكره في دعائي لوالدي كل جمعة وكل ما تذكرته على موقفه النبيل معي،

ولا انسى والدي رحمهم الله حيث تغربت عنهم لعدة سنوات تقدر بست سنوات لم ازورهم في أول حياتي العملية وانا صغير كنت اكتفي بالرسائل وارسال الاموال لهم حتى يعيشوا حياة كريمة وبعد هذا العمر في المنطقة الشرقية اصبحت من تجار العقار ولله الحمد، وهذا بفضل دعاء الوالدين رحمهم الله وبفضل العلم والعمل الجاد والاخلاص فيه.