حينما توضع التنمية في غير مكانها
أول الكلام المثل العربي (ذهب الحمار يطلب قرنين فعاد مصلوم الأذنين)
في مقال مشهور لعبدالله المسند بعنوان "حينما تتمرد الرياض على أهلها" , حيث ذكر الكاتب حلولا عنصرية لحل مشاكل تكدس الملايين في صحراء الرياض لتتسع هذه الحلول من دائرة الرياض الحالية لتشمل بعض هجر عالية نجد و هجر تخوم القصيم وهي حلولً سقيمة و عقيمة وضياع للعمر و المال وثروات هذا الوطن ,
للأسف أن أغلب المثقفين النجديين متعنصرين لنجد والموضوع يتكرر للأسف مع الكثير من المثقفين النجديين ولن ينسى السعوديين النجدي طارق الحبيب في تصريحه الذي يشكك في ولاء المناطق الأخرى المجاورة لبعض دول الخليج و دول الجزيرة العربية مما يثبت ويؤكد النية السيئة المبيتة ، والعنصرية المقيتة من قبل طارق الحبيب حيث كان تصريحه مليء بالإسقاطات هوحديث عقله الباطن وليس حديث مبني على دراسات وأحداث واقعية ,
وحديثة وحديث غيره من النجديين مليء بالعنصرية التي أعتدنا عليها منه ومن أمثاله ممن أحتقنت ذواتهم بمركبات النقص ، متخذين الوطنية والمناطقية مطية , والمشكلة أن هؤلاء العنصريين لم يتمحصوا في مسقط رؤوس الإرهابيين الذين تجردوا من ولاءهم .
إن عبدالله المسند في مقاله أستبعدَ كل المدن السعودية الأكثر حضارة و عراقة من نجد برمتها ومن يقرأ المقال مرتين سيعتقد أن السعودية فقط هي نجد و أن باقي المناطق ليست من السعودية علما بأنه لولا الله ثم ثروات المناطق الباقية لبقيت نجد صحراء قاحلة مسرحًا للضبان والسلق .
إن الثروة الحقيقية هي صناعة العقول وللأسف صناعة العقول في عالمنا العربي تواجه مشكلة كبيرة سببها معروف , مؤكدا أن المجتمعات العربية بريئة من تهمة التخلف ,
وقد قيل لحكيم )هل تريد أن يرزقك الله عقلا من دون مال أم تريد أن يرزقك الله مالا بدون عقل , فقال الحكيم لا والله أريد أن يرزقني الله عقلا لأن العقل سيأتي بكل شيء أما المال مع الغباء فسيضيع ) وهذا مالا نود أن نقع فيه بأن تأتي الثروة البترولية وتذهب ونحن في موقف الغبي الغني الذي ضيع ماله ,
و للأسف بوادره موجودة عندما وضعنا التنمية في صحراء تسمى الرياض وجمعنا فيها ثمانية ملايين نسمة سحقوا الماء و الكهرباء من أجل معاندة الصحراء هناك مقولة للدكتور محمد حامد الغامدي المتخصص في المياه (إن النوم يجفل من عيني كلما تذكرت أن الرياض تعيش على أنبوبتين) هذه المقولة قالها مع عبدالله المديفر في برنامجه الرمضاني المشهور ,
المشكلة التاريخية التي سنواجهها لاحقا هو أن هناك مدن في الحجار من الطائف الى أبها مؤهلة لعيش الإنسان , فيها لا يحتاج الإنسان إلى هدر في الماء و الكهرباء ,
لا أحد يتخيل من سكان الرياض أن قيمة فاتورة الكهرباء في بيت مواطن متوسط الدخل في النماص قرابة 35ريالا وأن معدل استهلاك الماء منخفض جدا مقارنة بمدن الصحراء في الرياض و القصيم لأن المدن الباردة والجميلة لا تحتاج إلى مكيف يعمل 24ساعة ولا يحتاج الإنسان فيها أن يستحم ثلاث مرات في اليوم ,
ولن أستغرب لاحقا أن تكون قيمة فاتورة الكهرباء و الماء في الرياض تفقوق قيمة إيجار المنزل وذلك حينما يرفع الدعم لا سمح الله.
ايضًا لقد وضعت أمانة الثورة الزراعية في الثمانينات في غير أهلها حتى تكون لدينا قمح سعودي رديء جدا و خبز سيئ للغاية وهو سبب تردي تغذية السعوديين , لأن القمح السعودي زرع في القصيم و صحاري عالية نجد في تربة رملية غير زراعية يضاف لها السماد الكيميائي مع ماء الري لكي ينمو النبات على الرمل الصحراوي ,
الكارثة الأخرى أن المبيدات أستخدمت بشكل غير طبيعي لمكافحة الآفات الناتجة عن الزراعة في الحرارة العالية ,
المشكلة الإقتصادية و التاريخية لهذه الثورة الزراعية باءت بالفشل وأصبحنا في بيوتنا نشتري الدقيق الكويتي (الأسترالي) وخسرنا مليارات الريالات في زراعة الصحراء
بل و نتج عن هذه الثورة الزراعية تجار وعوائل نجدية استفادت من تلك القروض وكونت ثروات مالية هائلة .
لقد وضعت أمانة توزيع التنمية في غير أهلها حتى هجر الناس مدنهم في تهامة و الحجاز حتى سكنوا في الرياض , وقد أجبروا سكان تلك المناطق الجميلة إلى تكبد العناء في البنيان حيث بنوا منازل لهم في الرياض وبنوا لهم منازل في مدنهم و قراهم الأصلية لكي يعودوا لها في الصيف فكاكًا من جحيم صيف الرياض وجحيم الحرارة وهذا هدر لأموال هؤلاء المواطنين .
ولو كنت أنا مخططا يا عبدالله المسند لجعلت أكبر مدينة في السعودية جدة ولصنعت مدينة جديدة اسمها الهدا التي تقع في موقع إستراتيجيً رهيب حيث تقع على ربى جبال الحجاز و قريبة من مكة المكرمة
ولو كان الأمر بيدي لجعلت أكبر جامعة و أكبر مركز أبحاث في تلك المدينة الجميلة ,
إن تلقي العلم في مكان جميل يزيد من الإنتاج العلمي ,
ولن أنسى عندما كنت أدرس في الرياض حيث لاحظت في سجلي الأكاديمي أن معدلي في فصل الشتاء أفضل من معدلي في فصل الصيف ,
وهكذا ستكون التنمية لو كانت في مكانها في ربى الحجاز او سهول تهامة ,
لذا لا أستغرب تحوير للمثل العربي الذي يقول (في الصيف ضيعت اللبن)
إلى (في الرياض ضيعت الزيت)
تعليقات
إرسال تعليق