كان هنا مكتبة , كان هنا مطعما .. وداعا مكتبة الرشد
بعد غياب ليس بالطويل عن الرياض وبعد جولة في شوارعها و محلاتها و أسواقها وأحيائها حيث أكتشفت أن المطاعم و الصيدليات و الشقق المفروشة تفوق حاجة سكان الرياض , وخلال جولتي مررت بشارع الحجاز بحي اليمامة جنوب الرياض علني أعيد شيء من ذكريات الماضي بين رفوف مكتبة الرشد المكتبة المشهورة جنوب الرياض
كانت جولتي من بداية حي عتيقة متجها إلى مستوصف البستان أقدم مستوصفات الرياض الأهلية وعندما وصلت إلى نهاية الشارع أكتشفت أنني لم أجد المكتبة على يميني كالمعتاد , أعدت الكرة مرة أخرى إلى شارع عتيقة والعودة إلى نهاية الشارع جنوبا وأيضا لما أرى مكتبة الرشد وهي الأكبر والأشهر في ذاك الشارع المزدحم , وفي المنتصف وجدت شابا سودانيا يحاول قطع الشارع سألته عن مكتبة الرشد فقال مشيرا بيده كانت مكان هذا المطعم ثم حرك يده وهذا المطعم ثم اشار بإصبعين , مطعمان مكان المكتبة , في الحقيقة صدمت من هذا الخبر المؤسف بالنسبة ليّ وبالنسبة لشريحة كانت تراود هذا المكان وتعشقه, هذا المكان كنت أجد فيه كل ما أريد فمكتبة الرشد بالنسبة ليّ معرض كتاب دائم وعندما سكنت شرق الرياض قبل خمسة عشر سنة كنت لا أجد بعض الكتب إلا في مكتبة الرشد رغم وجود مكتبات كبيرة في شرق الرياض و شماله , لقد حزنت على رحيل مكتبة الرشد من ذاك المكان لأنها كانت تمثل حقبة زمنية مهمة وكانت رمزا لشارع الحجاز ولتلك المنطقة , وكم تمنيت أن الحكومة تدخلت في إبقائها ولو بالدعم المالي فحكومتنا الرشيدة دعمت البعيد ودعمت الصحافة خصوصا أحدى الصحف المشهورة التي أعلنت إفلاسها قبل سنوات ولولا الدعم لأصبحت مطابعها تباع في حراج بن قاسم , فلماذا لا تُدعم مكتبة تاريخية كبيرة مثلت تاريخ وعراقة لمكان وزمان ما , إن الأماكن التي تدوم أكثر من 30 سنة يجب أن تضع الحكومة عليها العين لدعمها وتطويرها خصوصا دور العلم مثل المكتبات
قد يتسأل البعض وما علاقة المكان اذا كانت مكتبة الرشد أنتقلت إلى مكان أخر
الجواب يكون في ثنايا هذه القصة التي مررت بها حيث شأت الأقدار أن أكون حاضرا إجتماع لمندوب شركة سلسلة مطاعم عالمية أجرى دراسة جدوى إقتصادية عن موقع ما لإقامة فرعا عليه , المفاجأة كانت أن الطرف الأخر المالك للعقار قدم لشركة المطاعم إيجار رمزي وزهيد بالنسبة لأسعار الأماكن الأخرى لكن كان رد المندوب على ذاك العرض بأنه لا يناسبنا لأننا نعمل على أن لا يقال كان هنا مطعما.
فيجب أن نعمل على أن لا يقال كان هنا مكتبة
تعليقات
إرسال تعليق