تعلق قلبي بعلم الإدارة
هناك مشكلة كبيرة اننا لا نكتشف انفسنا إلا متأخرين , وهذا بسبب الأوضاع المحيطة التي تؤثر علينا وتؤثر على المجتمع وبالتالي تؤثر على الفرد , عندما تخرجت من الثانوية تعلق قلبي بلوحة كلية التقنية في حي الورود بالرياض وذلك عندما كنا نعبر طريق الملك فهد متجهين إلى الحي الدبلوماسي فأنا لست من رواد السفارات ولكن من رواد الشجرات والحدائق التي كانت تزين ذاك الحي , كلمة التقنية كانت توحي لي بانها كلمة متقدمة عن باقي الكلمات وعن باقي المسميات
وبعد التخرج ذهبت لهم وتم قبولي في قسم الكهرباء , في اول اسبوع لم يعجبني الوضع في الكلية
لأن التقنية لم اراها في الطلاب ولا في الكلية نفسها , فالطلاب يلبسون بالطو لونه ازرق كأنه لون ملابس اطباء العمليات كما ان هؤلاء الطلاب من فئة غير متحضرة في غالبهم ويلبسون الشبشب مع تلك الملابس الزرقاء , فلم اجد فيهم اي تقنية بل لم اشم رائحة الغنم الا في تلك الكلية.
وللتبرير سألت احدهم هل هذه الكلية هل تمنح درجة البكلوريوس فقيل لي احيانا وانا لا أحب هذه الكلمة لأنها بمثابة لا , حينها توجهت الى عميد الكلية وكان حينها وزير التعليم المشهور أحمد العيسى , وقلت له انني ارغب في سحب ملفي فقال لي: راجع مكتب شؤون الطلاب وهناك قالوا لي : تعال بعد شهر , لكنني رفضت هذا التأخير وعدت الى أحمد العيسى واخبرته بوجوب تسليمي ملفي لأخرج من هذه الكلية الغير تقنية وكنت شديد اللهجة مع العيسى ولا انسى بحلقته في وجهي بسبب طريقتي في الطلب , وبالفعل اخذت ملفي بالواسطة مع قليل من الزمجرة , وتوجهت بعد ذلك الى جامعة الإمام شمال الرياض , وهناك تم قبولي في كلية الإعلام بعد مقابلة رنانه مع اعضاء هيئة التدريس الذين اعجبوا بإجاباتي على أسألتهم التي لا انساها :
ما هو آخر كتاب قرأته ؟
فقلت لهم كتاب حمى سنة 2000
من هو المؤلف ؟
قلت لهم مصطفى كامل والاجابة الصحيحية عبدالعزيز مصطفى كامل لكنهم لم يصححوا لي هذا الخطأ
ما هي الجريدة التي تحب تصفحها ؟
قلت جريدة الحياة
قالوا لماذا ؟
قلت لأنها لبنانية ههههههههههه
قهقه احد الاساتذة
فسألوني عن افضل جريدة سعودية ؟.
فقلت جريدة الجزيرة
قالوا لماذا ؟
قلت لأن اسم الجزيرة افضل من الرياض
حينها ضحكوا الاساتذة بتعجب
وكان السؤال الأخير
ماهو اخر حدث في الاخبار تابعته ؟
قلت منافسة حامد الغابد و كوفي عنان على منصب رئاسة الإمم المتحدة
من تحب ان يفوز ؟
قلت حامد الغابد
لماذا؟
لأنه مسلم
قالوا مبروك لقد اصبحت طالب كلية الإعلام وإن شاء الله لك مستقبل مشرق
وبعد اسبوع قابلت الدكتور عبدالله محمد العمري رئيس قسم الجلوفيزياء في جامعة الملك سعود وهو عالم الزلازل المشهور في كافة الوطن العربي , سألني أين انت الآن
قلت : في جامعة الإمام تخصص إعلام
قال لي : انت متخصص علمي وتدخل اعلام !! تعال جامعة الملك سعود وادخل هندسة افضل لك
وحينها قررت ترك جامعة الامام بسبب الثياب القصيرة التي كنت اراها وبسبب حديث الدكتور عبدالله
توجهت الى جامعة الملك سعود وتم قبولي في كلية علوم الأغذية وحينها قررت ان لا اطلب النقل لكلية الهندسة لأن الوقت أزف وانا متنقل
ومنذ التخرج وانا احضى بمراتب إدارية واشرافية في الشركات التي عملت بها او في وزارة التجارة الى ان وصلت الهيئة الملكية ويعلم الله منذ اول سنة الى الآن وتقديري ممتاز في التقييم عملت مع الكافر والمسلم والملحد وكلهم اتفقوا على هذا التقييم اضافة الى حصولي على التميز الوظيفي لمرتين في عملي الاخير وهو ما لا اعتقد ان احد حصل عليه في كافة المنظومة.
ومنذ دخلت الجامعة والى الان وانا معلق بكتب الإدارة أكثر من كتب هندسة علوم الاغذية
وخلال مسيرتي العملية اكتشفت ان هناك إداريين من الطراز الأول متميزين في الإدارة
على سبيل المثال اكبر مشاهير تخصص علوم الأغذية هو الدكتور عبدالله العثمان الذي كان وكيل وزارة التعليم وقبل ذلك كان مديرا لجامعة الملك سعود
وغيرهم الكثير منهم ممن ادار المجلات التجارية مثل الدكتور عدنان باجابر
والدكتور حسن القحطاني الذي أدار شركة وطنية مساهمة لفترة ما
لذا القيادة تكون بالفطرة مخلوطة بالإكتساب
وكم رأينا من حاملين لشهادة الدكتوراة ما يسوى التالية من الغنم في الإدارة وواقعنا مليء بهؤلاء خصوصا بعض المبتعثين الذين درسوا نصف علم بنصف لغة فلا للعلم اجاد ولا للغة اجاد ولا للعربية اجاد
لازلت ارى ان الإدارة لا يجب ان تكون بالخبرة الوظيفية ولا بالشهادة العليا وانما عدة مهارات يتم اختبارها بمقاييس من جهة مستقلة ذات اختبارات تمكنها من قياس الإداري الناجح
وكما وضعت وزارة تعليم اختبار قياس في تحديد مستوى الطالب يجب أن يكون هناك اختبار قياس لكل من ينافس على منصب إداري وأن لا يكون المنصب الإداري لمجرد علاقة صداقة او محبة او مصلحة مع مسؤول ما
لأن وجود مثل هؤلاء الذين يوضوعون على الكراسي بمجرد محسوبية وصداقة سيكون لهم تأثير على هدم المنظومة والمشكلة المهمة انهم سيكونوا سبب سقوط من ولاهم
إن وزارة الموارد البشرية عليها حمل ثقيل في ايجاد آلية جديدة لفك الجهات الحكومية والجهات الأخرى من تبعات نظام الإدارة السابق الذي يعتمد على الخبرة ويعتمد على كبر السن ويعتمد على الشهادة العليا خصوصا متابعة المزورين للشهادات والذين كانوا يدفعون اموال لمن يقوم بأبحاثهم حتى يتجاوزوا مرحلة الشهادة العليا.
اعود الى نقطة البداية ان قلبي تعلق بكلمة التقنية لكنه لم يستمر وتعلقت بعلم الادارة لكنني لم اتخصص فيها لكنني بعد الاطلاع والقراءة مستعد الى تجاوز اصعب اختبارات هذا العلم الذي اكتسبته بالقراءة والخبرة العملية المتنوعة في ستة جهات ولله الحمد والشكر.
لذا ساعدوا ابنائكم في اكتشاف انفسهم مبكرا قبل ان يخوضوا تجارب قاسية في سلسلة البحث عن الذات ولا يمنع ان تكون تلك التجارب هي جزء من صقل الإنسان فمقادير الله افضل من اختيارات الإنسان نفسه .
اسأل الله التوفيق لي ولكم
تعليقات
إرسال تعليق