بقالة ابو طارق في حي منفوحة

عندما كنت ادرس الابتدائية في مدرسة عمار بن ياسر بحي منفوحة وفي اختبارات الصف الخامس الابتدائي وانا متجه الى المدرسة قدمت سيارة كان يقودها شاب متهور يفحط بسيارة بيضاء صغيرة أتذكر كنت اريد ان اهرب من زحف السيارة تجاهي لكنها ضربتني على ظهري وسقطت في الارض تم دهس رجلي بالسيارة وهرب.

 حينها نادوا ابي الذي اخذني الى مستشفى قوى الامن في حي الملز وضعوا جبيرة في رجلي اليمنى وخرجت في نفس اليوم.

وفي اليوم الثاني وضعوني في فصل الصف الأول ابتدائي لأنه في الدور الأرضي و اختبرت المادة التي فاتتني والمادة المقررة لذلك اليوم مع لطف ومساعدة من المعلم المراقب للإختبارات في الصف , بحكم الاصابة ،ثم يعيدني ابي للمنزل ، لا انسى ان الذي المعلم كبير في السن فلسطيني اللهجة ، كان يلبس ثوبا قديما ملون فقد كنا في فصل الشتاء وكان يلبس طاقية مخرمة، انتهت تلك المرحلة وبعد فترة من الزمن فتحت بقالة صغيرة في زاوية حارتنا وعندما توجهت للبقالة الجديدة أشتري من البقال فإذا به ذاك المعلم الفلسطيني الكبير في السن هو الذي يعمل فيها.

سالته قلت له يا استاذ هل انت المعلم الذي كنت في هذه المدرسة قال نعم لقد تركت التدريس للعمل في هذا البقالة فراتبي في المدرسة كان 2000ريال 

 وبعد سنوات قليلة اصبحت هذا البقالة ذات سمعة طيبة ، حتى توسعت وكسر جدران الشقة المجاورة ليضمها الى البقالة , ثم جلب ابنه طارق الذي سكن بجانب البقالة حيث زاد في اعمال البقالة حتى اصبحت عنوانا لرسائل الزبائن من سكان الحي و كانت اول بقالة تبيع قوارير الماء الكبيرة (المنهل)

كان ابو طارق يتناوب على البقالة مع ابنه طارق الذي رزق بمولود الى أن اصبح هذا المولود يجلس مع ابوه في كرسي البقالة المغروز بين أصناف الحلوى والشوكولاته الرخيصة .

كان ابو طارق يسمح بالدين و يسجل على العوائل المحيطة لكي يضمن استمرارهم في الشراء لكن كانت اسعار التسجيل تختلف عن من يدفع كاش وهذا من اجل ضمان التعويض فيما لو هرب احدهم من الحارة دون الدفع.

وفي اول صدام معه حيث اشترينا منه طبق بيض فاسد مما جعلنا نرغمه لارجاع المال بعدها كنا قد اعلنا مقاطعة هذه البقالة.

وبعد سنوات عدنا للبقالة بعد نقاش بسيط مع ابي حيث قال ان المورد هو المتلاعب .

وفي عام 1417 قرر طارق ان يترك بقالة ابوه ليعمل لدى مكيفات الجزيرة حيث ان البقالة لم تعد ذات مدخول جيد في تلك السنة أيضا كنا قررنا الرحيل الى حي الروضة في منزلنا الجديد وفي حارة ارقى من حي منفوحة الذي بدأ يغلبه الاجانب.

وفي عام 1441 اي بعد 24 عام ذهبت الى زيارة حارتنا في منفوحة وكان اول ما وصلت له بقالة ابو طارق حيث وجدت على باب البقالة رجل يجيد العربية كانه سعودي له لحية كثيفة.

 قلت له:هل هذه بقالة ابو طارق

 قال: نعم شريتها قبل ثلاث سنوات وانا باكستاني مولود هنا في السعودية.

 وللاسف ابو طارق توفي قبل شهر من الان.

 سالته عن عائلته و عن طارق قال لا اعرف.

رحمة الله على ابو طارق ذاك المعلم الحنون والبقال المناضل.